إجابات فرج فودة على الأسئلة السبع لتيارات الإسلام السياسي
الحدث نيوز - محمد الإمبابي الحدثيحل معرض الكتاب الدولي سنويًا، ليذكرنا بالمناظرة الشهيرة للدكتور فرج فودة شهيد الرأي، الذي اغتالته يد الجماعات الإسلامية بعد أشهر قليلة من هذه المناظرة التاريخية والتي احتضنها مقر معرض الكتاب القديم بمدينة نصر في 8 يناير 1992.
قبل اغتيال فرج فودة بخمسة أشهر، شارك في مناظرتين، أشهرهم بمعرض الكتاب في 8 يناير بعنوان "مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية" والتر رد فيها فرج فودة على دعوة مرشد الإخوان الإرهابية حينها المستشار مأمون الهضيبي ومفتي الجماعة الشيخ الغزالي والدكتور محمد عمارة والذي أقر خلالها بعدم امتلاك تيارات الإسلام السياسي وفي مقدمتها الإخوان الإرهابية برنامج سياسي لإدارة الدولة.
غير أن المناظرة العاصفة التي التي دارت بنقابة المهندسين بالأسكندرية وكان طرفها الراحلان، الدكتور فرج فودة والدكتور فؤاد زكريا كممثلان للتيار المدني، ومثل التيار الديني عضو الجماعة الإرهابية الدكتور محمد عمارة وبجانبه الدكتور محمد سليم العوا، وخلال هذه المناظرة ألقى عمارة، متحديا، سبع أسئلة مباشرة للراحل شهيد الدولة المدنية، الذي أجاب عليها جميعا، فكانت الإجابات بمثابة تثبيت للمبادىء المدنية التي رسخها فودة في كتاباته وندواته، ليفجر طاقات التيارات الإسلامية السياسية العنيفة، في مواجهة الدولة المدنية العلمانية التي دعا إليها فرج فودة في كتاباته.
وتقدم الحدث نيوز لقرائها الأسئلة السبعة التي طرحها الدكتور محمد عمارة ممثل التيارات الإسلامية السياسية، في تحدي للدكتور فرج فودة، الذي أجاب بالعقل والحجة والمنطق وساق الحجج المنطقية والتراثية، بأسلوبه البسيط الذي اجتذب عقول وقلوب السامعين من وقتها وإلى الأن، وكانت سببًا مباشرًا في استهداف الإرهابين للشهيد الدكتور فرج فودة.
- محمد عمارة: هل الإسلام عقيدة وشريعة أم عقيدة وعبادات فقط؟
= الإسلام عقيدة وشريعة يادكتور عمارة
- هل الحلال والحرام الديني مُلزم في قوانين الدولة والمجتمع أم غير مُلزم؟
= معك وقفة، والسؤال هل كل حلال واجب الإتباع، هل التسري بالجواري وهو حلال مُلزم بالاتباع، هل الرق وهو حلال مُلزما بالاتباع، إن السنة في حدود أعراف العصر وفي حدود الحلال مُلزمة بالاتباع، وأضرب لك مثلا بحادثة أذاعها التلفزيون المصري عن بواب عمارة عمره 32 عاما وتزوج بفتاة في الثالة عشر من عمرها، وتم اعتبار هذه الحادثة اغتصاب للطفلة..لإن أعراف العصر تغيرت، فهل نعتبر هذا حلال بمقاييس الحلال أم حرام؟!..حلال يادكتور عمارة، لكن الحلال مع أعراف المجتمع مع تغيرات العصر يعتبر كله إسلاما في إسلام.
فالحلال الديني يُلزمنا ولكن لنا عقول ولنا اجتهاد ولنا إيمان، فالإسلام لايتناقض مع العصر.
- هل يصح الإيمان الديني مع إنكار الشريعة؟
- ومن قال لك أن هناك من ينكر الشريعة الإسلامية، الإشكالية في إمكانية التطبيق اليوم، فما تريده التيارات الإسلامية هو تطبيق شريعة بفقه القرن الرابع الهجري دون تنقيته من ماورد في كتب التراث ثبت عدم صحته الأن، وأكمل فودة أن علماء الفقه الديني في القرون القديمة اجتهدوا في الفقه لعصرهم، فعلى التيار الديني أن يجتهد لعصره ويطرح اجتهاده للنقاش كبرنامج سياسي، بدلا من استخدام السيف على الأعناق.
- هل يكتمل الإسلام مع تعطيل الشريعة؟
- فرج فودة: لا فالإسلام عظيم وكل متكامل، ويظلم الإسلام عندما يحدث كما في النظام الإسلامي السوداني مع نميري، الذي قطع يد السارق والسارق جائع، وحد الزنا أيضا كيف يمكن تنفيذه في عصرنا كما ورد في كتب التراث، أطلب من الدكتور عمارة أن يوضح للناس كيفية تطبيق حد الزنا مع استحالة شهادة الشهود.
- هل ثوابت الشريعة صالحة لكل زمان ومكان أم فكر تاريخي نسخه التطور التاريخي؟
- هذا سؤال يتم طرحه بمنهج أنت مسلم ولا كافر، رغم إن ذلك ليس أصلا مطروح، اللي بيقول إن الشريعة بتتنسخ يبقى مش مسلم، إحنا بنقول إن الإسلام عظيم، إنما بعض المسلمين ليسوا في مستوى عظمة الدين، الدين الإسلامي بيقولهم، تفكرون وتعقلون، إنما هم يرفعون السيوف ويرهبون ويصنفون، أنت مسلم ولا كافر؟!!
- هل أنتم مع بقاء مواد الدستور المصري الدائم التي تنص على أن دين الدولة الإسلام وأن مبادىء الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع أم تطلبون تعديلها؟
- ياااسلام، نحن أسعد الناس أيها الصديق العزيز بهذا كله، بس استنا، الدستور قال مبادىء الشريعة الإسلامية ولم يقل الشريعة الإسلامية، فمن وضع الدستور يفهم أن الشريعة الإسلامية تحتاج اجتهاد.
واستشهد فوده بكتاب"التشريع الجنائي في الإسلام"وكاتبه عضو الإخوان الإرهابية المستشار عبد القادرعودة، الذي حدد في كتابه مبادىء الشريعة الإسلامية في الأتي: - وأمرهم شورى بينهم، قول الرسول لاضرر ولاضرار، لاتذر وازرة وزر أخرى، لايكلف الله نفسا إلا وسعها، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل اعدلوا هو أقرب للتقوى. وهذه مبادىء بلغت من السمو والمرونة بحيث لايستطيع دين أو فكر بشري في الإختلاف معها.
- إذا كنتم مع بقاء المادة الثانية من الدستور، فهل أنتم مع تطبيقها أن تعطيلها؟
- سؤال مكرر يادكتور عمارة، ولكن بأكد إحنا معاها بس باجتهاد مستنير!!، ولا يختلف أحد على المبادىء العظيمة السابقة.
وأنهى فرج فودة إجاباته السبعة بقوله، "إحنا بندافع عن وجه الإسلام الصحيح، ولو طبقت شريعة إسلامية في مجتمع فقير، فأنت تظلم الإسلام، ولما بطالبك بعمل برنامج سياسي، يبقى أنا اللي مع روح الإسلام وجوهره"
وفي الثالث من يونيو 1992 نشرت جبهة علماء الأزهر-تم حلها لاحقا- بيانا بجريدة "النور" الإسلامية يُكفر فرج فودة وهي الفتوى التي استند لها قتلته في الثامن من يونيو 1992، وأيد هذه الفتوى مرشد الجماعة الإرهابية وقتها مأمون الهضيبي والشيخ الغزالي، فلم يدينوا قتلة المفكر الكبير بل زادوا في تكفيره ودعم قاتليه باعتبار أنه كافر مُرتد.
فرج فودة، واحد من أهم الكتاب الذين فندوا ادعاءات تيار الإسلام السياسي خلال حقبة الثمانينيات وحتى اغتياله من قبل أعضاء الجماعة الإسلامية في الثامن من يونيو 1992.